اللون الأحمر بقلم ناريمان شقورة
اللون الأحمر
اعتقد أن إنسانيتنا تتعرضُ لخطرِ شديدِ، ففي ظل ما نشهده من ثورات لإسقاط الأنظمة الاستبدادية وإنهاء الدكتتاتوريات التي طالما وقفت حائلا بين الشعوب وبين التنمية في مجالاتها العديدة، ظهر العنف والقتل والدمار والتنكيل بالأحياء والأموات من قبل الانظمة اتجاه الشعوب لقمعها وبالعكس لإسقاط الأنظمة، والعنف لا يولد إلا العنف، تهاجم الانظمة شعوبها الثائرة بالدبابات والمقاتلات والمعدات العسكرية، فتدفعها إلى الغليان والتأهب بشتى الطرق للدفاع عن أنفسها وعن ثوراتها وحقوقها المسلوبة منذ عقود من الزمن، وبين الحق المسلوب والثورة لانتزاعه، بات السائل الأحمر شراب العصر بنكهة الموت، حتى اصبح العنف سمة غالبة في حل المشكلات الاجتماعية التي انعكست عليها الحالة السياسية، وباستخدام الأطفال كوسيلة قتالية تارةً كأذرع بشرية وتارةً كعناصر يتم تدريبها وتحريضها على القتال بمحفزات مختلفة مرة الجنة ومرة ببعض الأفكار التي يغرسها فيهم أصحاب المصالح ومرة النقود ومرة ومرة و.......و......الخ.
المحفزات مختلفة وطرق الإقناع عديدة والنتيجة هالكة، فجميعها بطريقة وبأخرى تقتل الإنسانية، فعندما يتربى الأطفال على تلك المشاهد التي لا تنسى من الذاكرة، عندما يتقل أصدقاءهم على مرأى من عيونهم فإن أحلامهم الجميلة تموت كما تنكسر ألعابهم التي لا تتصلح بعد هذا الكسر، عندما تقتل امهاتهم أمام أبصارهم فإن الحنان والرحمة ماتت بدم بارد فيهم، وعندما يقتل الآباء فإن الأمان انتهى عند الطفل، وبعد كل هذه المشاهد الدموية فإن الحقد هو ما تتوارثه الأجيال لتستمر الحياة، وبين التنقل بين الفضائيات وسيطرة اللون الأحمر على الشاشات، أظن أن إنسانيتنا تتلاشى فهذا الشبل الصغير الذي يرى الدم يتدفق من هنا وهناك لإحداث تغيير قد يكبر متصوراً أن الطريق للتغيير هو معبد بالدم، وملامح ذلك بدأت من اليوم، حتى على مستوى المشكلات الصغيرة فبتنا نقرأ في صفحة الحوادث ارتكاب جرائم مختلفة من قاصرين يفترض أن البراءة هي فطرة فيهم في هذا السن، وأيضا على أبواب المدارس في شجارات التلاميذ نلاحظ استخدام العنف والضرب في مناطق حساسة مثل الرأس وكلما سال الدم كلما صفق المشجعون، ما دفعني لهذه الكلمات هو طفل في السادسة من عمره، عندما سمع أمه تقول :" يا حرام" أثناء متابعة النشرة الإخبارية، حيث التفت إلى الشاشة ليرى الاشلاء هنا وهناك متناثرة ويرد قائلا: " عااااااااااااااااااااااادي"!!!!
ناريمان شقورة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق